ضعف السمع لدى كبار السن

ضعف السمع عند كبار السن: أسبابه، وأعراضه، ودرجاته، وطرق تحسينه وعلاجه

يعتبر ضعف السمع أحد أكثر المشاكل الصحية شيوعًا بين كبار السن. يعد السمع من الحواس الأساسية التي تمكّن الأفراد من التفاعل مع محيطهم، وفقدانه أو تدهوره يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نوعية الحياة. في هذه المقالة، سنستعرض الأسباب التي تؤدي إلى ضعف السمع عند كبار السن، الأعراض المرتبطة به، درجاته المختلفة، بالإضافة إلى الطرق المتاحة لتحسينه وعلاجه.

أسباب ضعف السمع عند كبار السن

يشير ضعف السمع إلى صعوبة في السمع أو فقدان جزئي أو كلي للقدرة على سماع الأصوات. ومن المعروف أن هذا المرض غالبًا ما يرتبط بالتقدم في السن، لكن هناك عدة عوامل قد تساهم في تدهور السمع مع مرور الوقت.

1. التغيرات العمرية الطبيعية:
   مع تقدم العمر، تحدث تغيرات طبيعية في الأذن الداخلية والأعصاب السمعية، مما يؤثر على قدرة الأذن على استلام وتحويل الأصوات إلى إشارات كهربائية يُعالجها الدماغ. يُعرف هذا النوع من ضعف السمع بـ “الصمم الشيخوخي” أو “الدهليز العتيق”، وهو من أكثر أنواع ضعف السمع شيوعًا لدى كبار السن.

2. التعرض للضوضاء:
   التعرض الطويل للضوضاء المرتفعة يُعد أحد الأسباب الرئيسية لضعف السمع. يمكن أن يتسبب التعرض لأصوات عالية لفترات طويلة، مثل أصوات الآلات الثقيلة أو الموسيقى الصاخبة، في تلف الأنسجة الدقيقة في الأذن الداخلية.

3. مشاكل صحية أخرى:
   بعض الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم يمكن أن تؤثر على الأوعية الدموية في الأذن الداخلية وتؤدي إلى ضعف السمع. كما يمكن أن تؤثر الأمراض العصبية مثل مرض الزهايمر أو مرض باركنسون على الأعصاب المسؤولة عن السمع.

4. الأدوية:
   بعض الأدوية التي تُستخدم لعلاج حالات طبية معينة قد تكون سامة للأذن وتسبب ضعف السمع. يُطلق على هذا النوع من الضرر اسم “السمعية الدوائية”. تشمل هذه الأدوية بعض الأدوية الكيميائية المستخدمة في علاج السرطان، والمضادات الحيوية، ومدرات البول.

5. التورمات أو التكتلات في الأذن:
   تراكم الشمع في الأذن أو وجود التكتلات قد يسبب انسدادًا في قناة الأذن ويؤدي إلى ضعف السمع. قد تتسبب بعض التهابات الأذن المتكررة أيضًا في تلف الأذن الوسطى مما يعزز من تدهور السمع.

6. التغيرات في الأذن الوسطى:
   مع التقدم في العمر، قد تنشأ مشكلات في الأذن الوسطى مثل التهاب الأذن المزمن أو تصلب عظام الأذن الوسطى (الذي يُسمى “التصلب الركابي”)، مما يؤدي إلى ضعف السمع.

أعراض ضعف السمع عند كبار السن

تظهر أعراض ضعف السمع تدريجيًا، وغالبًا ما يلاحظ الأشخاص المقربون من المريض هذه التغيرات أولًا. وفيما يلي أبرز الأعراض التي قد تشير إلى وجود مشكلة في السمع:

1. صعوبة في فهم الكلام:
   قد يواجه كبار السن صعوبة في فهم كلمات المتحدثين، خاصة إذا كانت الأصوات تحتوي على ترددات عالية أو إذا كانت المحادثات تجري في بيئات صاخبة.

2. ارتفاع صوت التلفزيون أو الراديو:
   غالبًا ما يرفع كبار السن من مستوى الصوت في الأجهزة السمعية مثل التلفزيون أو الراديو لأنه أصبح لديهم صعوبة في سماع الأصوات بشكل طبيعي.

3. التشتت وعدم التركيز:
   يمكن أن يؤدي ضعف السمع إلى تشتت انتباه الشخص، مما يجعله يفقد القدرة على التركيز على المحادثات أو الأحداث اليومية التي تتطلب سمعًا دقيقًا.

4. الطلب المتكرر على إعادة الكلام:
   من الأعراض الشائعة هو طلب كبار السن من الآخرين إعادة ما قالوه لأنهم لم يتمكنوا من سماع ما تم قوله بوضوح.

5. الشعور بالانعزال الاجتماعي:
   يؤثر ضعف السمع بشكل كبير على التفاعل الاجتماعي، حيث قد يبدأ كبار السن في تجنب الاجتماعات العائلية أو المناسبات الاجتماعية بسبب عدم قدرتهم على متابعة المحادثات.

6. الرنين في الأذنين (الطنين):
   الطنين هو الشعور بسماع أصوات غير موجودة في البيئة المحيطة، مثل رنين أو صفير. يُعد الطنين من الأعراض الشائعة لضعف السمع لدى كبار السن.

درجات ضعف السمع

يتفاوت ضعف السمع في درجاته، ويختلف تأثيره على الحياة اليومية حسب درجة الفقد السمعي. درجات ضعف السمع تُصنف عادة وفقًا لحدة الفقد السمعي:

1. ضعف السمع الخفيف (20-40 ديسيبل):
   يعاني الشخص المصاب بضعف سمع خفيف من صعوبة في سماع بعض الأصوات الهادئة مثل همسات الكلام أو الأصوات في بيئات صاخبة. قد لا يلاحظ المصاب بهذه الدرجة من الضعف مشكلة كبيرة في الحياة اليومية، لكنه قد يعاني من صعوبة في المحادثات السريعة أو في الأماكن المزدحمة.

2. ضعف السمع المعتدل (41-60 ديسيبل):
   مع هذه الدرجة من الضعف، يصبح من الصعب سماع الأصوات المعتدلة مثل الصوت العادي للحديث. يمكن أن يحتاج الشخص إلى طلب من الآخرين التحدث بصوت أعلى أو أقرب. هذا النوع من الضعف قد يبدأ في التأثير على قدرة الشخص على التفاعل الاجتماعي.

3. ضعف السمع الشديد (61-80 ديسيبل):
   في هذه المرحلة، يكون الشخص غير قادر على سماع الأصوات العادية إلا إذا كانت مرتفعة للغاية. عادة ما يتطلب الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الضعف السمعي أجهزة مساعدة للسمع أو التواصل باستخدام لغة الإشارة.

4. فقدان السمع الكامل (أكثر من 80 ديسيبل):
   في هذه المرحلة، قد يفقد الشخص القدرة على سماع معظم الأصوات المحيطة تمامًا. يتعين على الشخص الاعتماد على وسائل تواصل بديلة مثل لغة الإشارة أو القراءة من الشفاه.

طرق تحسين وعلاج ضعف السمع

لحسن الحظ، هناك عدة طرق لتحسين السمع أو علاجه، تختلف بناءً على درجة ضعف السمع وسببه. تشمل هذه الطرق:

1. أجهزة السمع:
   تعتبر أجهزة السمع من الحلول الشائعة لتحسين السمع لدى كبار السن. تعمل هذه الأجهزة على تضخيم الأصوات الداخلية والخارجية بحيث يتمكن الشخص من سماع الأصوات بوضوح أكبر. تختلف أنواع أجهزة السمع من حيث الحجم والوظائف، وهناك نماذج مخصصة لضعف السمع في ترددات معينة.

2. زراعة قوقعة الأذن:
   تعد زراعة القوقعة خيارًا فعالًا للأشخاص الذين يعانون من فقدان سمع شديد أو كامل ولا تنجح معهم أجهزة السمع التقليدية. يتم إدخال جهاز إلكتروني في الأذن الداخلية يساعد على تحويل الأصوات إلى إشارات كهربائية يتم إرسالها إلى الدماغ.

3. العلاج السلوكي والتأهيل السمعي:
   يشمل هذا النوع من العلاج تدريب الأشخاص على التكيف مع فقدان السمع من خلال استراتيجيات تحسين التواصل مثل قراءة الشفاه، أو استخدام إشارات اليد، أو اتباع تقنيات الانتباه المركز.

4. الأدوية والعلاجات الطبية:
   في بعض الحالات، يمكن أن تكون الأدوية مفيدة في معالجة الأسباب الطبية الكامنة وراء ضعف السمع مثل العدوى أو الالتهابات. ومع ذلك، لا يمكن للأدوية أن تعالج معظم حالات ضعف السمع الناتج عن التغيرات العمرية.

5. الوقاية والتقليل من المخاطر:
   يُعد الحفاظ على صحة الأذن من خلال تجنب التعرض للضوضاء العالية، والتعامل بحذر مع الأدوية السامة للأذن، وزيارة الطبيب بانتظام لفحص السمع من أهم طرق الوقاية من ضعف السمع.

6. التقنيات المساعدة الأخرى:
   تشمل هذه التقنيات الأجهزة المساعدة مثل أجهزة الاستماع التي يمكن استخدامها في البيئات التي تحتوي على ضوضاء، وكذلك الأنظمة الصوتية التي توفر مكبرات صوت في الأماكن العامة مثل دور العبادة أو القاعات.

خاتمة

يُعد ضعف السمع من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على كبار السن، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور نوعية الحياة إذا لم يتم التعامل معه بالشكل المناسب. على الرغم من أن ضعف السمع قد يكون جزءًا من عملية التقدم في العمر، فإن هناك العديد من الخيارات لتحسينه وعلاجه. يمكن أن تساعد أجهزة السمع، وزراعة القوقعة، والعلاج السلوكي، والوقاية من العوامل المؤدية للضعف في إدارة الحالة بشكل فعال. إن الاهتمام المبكر بالصحة السمعية يمكن أن يساهم في الحفاظ على التواصل الجيد مع الآخرين وتحسين نوعية الحياة بشكل عام.